الأوبئة السابقة في العصور القديمة: كيف ظهرت وكيف انتهت ؟

الأوبئة السابقة عبر التاريخ ، حصدت أرواح الملايين من البشر آنذاك، وتسببت في تغيرات اقتصادية واجتماعية في العالم بأسره، ومنها جوائح غيرت مجرى التاريخ بأكمله

الحديث عن الأوبئة السابقة عبر التاريخ، يحضرنا بقوة هذه الأيام، في إطار المقارنة مع فيروس كورونا المستجد (كوفيد – 19)، علّنا نصل إلى إجابات شافية عن كيف يظهر الوباء ؟ وكيف ينتهي.
فقد شهد العالم في مخلتف العصور كثيراً من الأمراض والأوبئة الخطيرة، كانت بعضها اوبئة محصورة بدول معينة، أو نطاق جغرافي محدد Epidemic ، وكان بعضها أوبئة عالمية أو ما يطلق عليه “جائحة” pandemics .
وحصدت تلك الأوبئة أرواح الألاف بل الملايين من البشر آنذاك، وتسببت في تغيرات اقتصادية وديموغرافية واجتماعية في العالم بأسره، بل ومنها جوائح غيرت مجرى التاريخ بأكمله.

في هذا الجزء الأول من مقالنا عن الاوبئة الخطيرة عبر التاريخ، سنتناول عدداً من أشهر هذه الأوبئة وأشدها فتكاً، مثل الطاعون الأسود الشهير بمسمى: الموت الأسود، الذي ظهر في العصور القديمة والوسطى، وكذلك طاعون جستنيان، وطاعون عمواس بمنطقة الشام.
وفي الجزء الثاني سنتناول الأوبئة السابقة في العصر الحديث، حيث نجد الكوليرا، والجدري، وسارس، والإنفلونزا الإسبانية، وغيرها من الأوبئة الفتاكة.
وقد اختلفت طرق تعامل الناس مع تلك الأوبئة والتصدي لها باختلاف الحقبة الزمنية والإمكانات المتاحة، كما تختلف الآثار التي خلفتها هذه الأوبئة على المجتمعات التي اجتاحتها.

ماهي أشهر الاوبئة السابقة التي مرت عبر التاريخ ؟

1 – طاعون جستنيان ( 541م – 750 م)

ظهر طاعون جستنيان أكثر الأوبئة فتكاً أول مرة في مصر عام 541م ، ثم انتقل عبر ميناء الإسكندرية إلى القسطنطينية عاصمة الإمبراطورية البيزنطية أو روما الشرقية في عهد الإمبراطور جستنيان، ولذلك أُطلق على هذا الطاعون اسم: طاعون جستنيان ، وقد أصيب الإمبراطور نفسه بالطاعون لكنه تعافى منه.

الاوبئة السابقة

كما امتد الطاعون إلى الإمبراطورية الساسانية ومعظم المدن المطلة على البحر الأبيض المتوسط، وتشير بعض المصادر التاريخية إلى أن طاعون جستنيان حصد أرواح أعداد تتراوح بين 30 إلى 50 مليون شخص، أي حوالي نصف عدد سكان العالم في ذلك الوقت !

لم يتخذ الناس آنذاك إجراءات حازمة ضد تفشي المرض، الذي أصاب حتى حيوانات الشوارع، ونفق منها الآلاف، وأهمل الناس دفنها بصورة صحيحة، مما أدى إلى تفشي الطاعون أكثر وأكثر

نتائج طاعون جستنيان

وكان للطاعون تبعات اقتصادية كبيرة على مستوى العالم لتسببه في وقف حركة التجارة تماماً بين المدن، كما أعاق جهود الإمبراطور جستنيان في توحيد أراضي روما الشرقية والغربية. وأضعف من قوة بيزنطة، مما سهّل على الدول الأخرى استرداد أراضيها منها، بل والإغارة على أراضٍ جديدة وتأسيس ممالك جديدة.

2- طاعون عمواس (640 م)

من أوائل الاوبئة التي انتشرت في المنطقة العربية، ظهر في السنة الثامنة للهجرة 640م ، في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، وظهر بدايةً في بلدة اسمها عمواس بالقرب من القدس، ومنها انتشر في منطقة الشام.

طاعون عمواس

حصد طاعون عمواس حياة نحو 30 ألفاً من أهل الشام، بينهم عدد كبير من الصحابة، وترجع شهرة عمواس في كتب التاريخ إلى الطريقة التي تعامل بها سيدنا عمر بن الخطاب مع الوباء، إذ امتنع عن دخول المدينة وأمر بعدم دخولها، وعدم خروج المصابين منها، ومنه استلهم العالم أسلوب الحجر الصحي ، وعزل المناطق الموبوءة، منعاً لتفشي الجائحة.
وهي الطريقة التي اتبعتها الصين عند اكتشاف تفشي فيروس كورونا في مدينة ووهان، فقامت بعزل المدينة وعدة مدن أخرى وصل إليها الفايروس، مما أسهم في الحد كثيراً من تفشي الوباء .

3- طاعون الموت الأسود (1347 م – 1351 م)

انتشر الطاعون في جميع أنحاء أوروبا، بين عامي 1347 م و1351 م، مما أسفر عن مقتل نحو 25 مليون شخص؛ واستغرقت معدلات أعداد السكان في أوروبا أكثر من 200 عام للعودة إلى مستواها السابق.

من بين التداعيات الأخرى لهذا الوباء الذي عُرف أيضاً باسم “الموت الأسود”، تراجع أعداد الفلاحين في الإقطاعيات، حيث مات كثير من الناس، لدرجة أن مستوى معيشة الناجين ارتفع، وفي الواقع فقد أسهم ذلك في خلق المزيد من فرص العمل، وتنامي الحراك الاجتماعي ووقف الحروب لفترة وجيزة.

ومن المحتمل أن يكون هذا الوباء قد أودى بحياة أعداد أكبر في آسيا، لاسيما في الصين، حيث يُعتقد أنها كانت موطن الوباء بداية، كما حصل مع فايروس الكارونا حديثاً!

4- طاعون لندن العظيم (1665 م)

ظهر الطاعون بداية في هولندا عام1664 م، وانتقل مع سفن التجارة إلى لندن عام 1665م، ليفتك بسكانها ويقتل ربع سكان المدينة تقريباً.

انتشر الطاعون بسرعة أكبر في الأحياء الفقيرة، وذلك لانعدام الرعاية الصحية، بينما غادر الملك تشارلز والنبلاء وكبار التجار المدينة للهروب من الطاعون، ومُنع الفقراء من مغادرة أسوار المدينة!

طاعون لندن العظيم

كما مُنع الناس من الخروج من المنزل إذا ظهرت فيه أية حالة إصابة، كما كانت توضع علامة على المنزل لمنع الاقتراب منه، وبتلك الطريقة يعزل المرضى ويمنع اقتراب الأصحاء منهم، إلا أن ذلك كان يؤدي أيضاً إلى إصابة كل أفراد العائلة بالمرض ومن ثم موتهم، وخصصت عربات تجوب الشوارع لجمع الجثث ودفنها بمقابر جماعية خارج أسوار المدينة.

كان هذا عرضاً لأشهر وأخطر الأوبئة السابقة في العصور القديمة والوسطى، وفي المقال القادم من كزدورة.كوم سنتعرف على الاوبئة الأشد خطورة في العصر الحديث.

تحرير: كزدورة©

المصدر: الجزيرة + صحتك + TRTعربي

صورة الغلاف:

Image by Sumanley xulx from Pixabay

إذا أعجبك موضوعنا شاركه مع أصدقائك الآن!

شارك بتعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

دعنا نتواصل!

تواصل مع كزدورة دوت كوم

13 + 15 =